منتدى المؤمنين والمؤمنات
عن عبادة بن الصامت ، عن رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - أنه قال : من قتل مؤمنا فاغتبط بقتله لم يقبل الله منه صرفا ولا عدلا فأتاهُ رجلٌ فَناداهُ : يا عبدَ اللَّهِ بنَ عبَّاسٍ ، ما تَرى في رجُلٍ قتلَ مُؤمنًا متعمِّدًا ؟ فقالَ : جَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا قالَ : أفرأيتَ إِن تابَ وعملَ صالحًا ثمَّ اهتَدى ؟ قالَ ابنُ عبَّاسٍ : ثَكِلتهُ أمُّهُ ، وأنَّى لَهُ التَّوبةُ والهُدى ؟ والَّذي نَفسي بيدِهِ ! لقَد سَمِعْتُ نبيَّكم صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ يقولُ : ثَكِلتهُ أمُّهُ ، قاتِلُ مؤمنٍ متعمِّدًا ، جاءَ يومَ القيامةِ آخذَهُ بيمينِهِ أو بشمالِهِ ، تشخَبُ أوداجُهُ في قِبَلِ عرشِ الرَّحمنِ ، يلزمُ قاتلَهُ بيدِهِ الأخرى ، يقولُ : يا ربِّ سَل هذا فيمَ قتلَني ؟ وأيمُ الَّذي نفسُ عبدِ اللَّهِ بيدِهِ ! لقد أُنْزِلَت هذِهِ الآيةُ ، فما نسخَتها مِن آيةٍ حتَّى قُبِضَ نبيُّكم صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ ، وما نَزل بعدَها مِن بُرهانٍ
الراوي: عبدالله بن عباس المحدث: أحمد شاكر - المصدر: عمدة التفسير - الصفحة أو الرقم: 1/552
خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح
منتدى المؤمنين والمؤمنات
عن عبادة بن الصامت ، عن رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - أنه قال : من قتل مؤمنا فاغتبط بقتله لم يقبل الله منه صرفا ولا عدلا فأتاهُ رجلٌ فَناداهُ : يا عبدَ اللَّهِ بنَ عبَّاسٍ ، ما تَرى في رجُلٍ قتلَ مُؤمنًا متعمِّدًا ؟ فقالَ : جَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا قالَ : أفرأيتَ إِن تابَ وعملَ صالحًا ثمَّ اهتَدى ؟ قالَ ابنُ عبَّاسٍ : ثَكِلتهُ أمُّهُ ، وأنَّى لَهُ التَّوبةُ والهُدى ؟ والَّذي نَفسي بيدِهِ ! لقَد سَمِعْتُ نبيَّكم صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ يقولُ : ثَكِلتهُ أمُّهُ ، قاتِلُ مؤمنٍ متعمِّدًا ، جاءَ يومَ القيامةِ آخذَهُ بيمينِهِ أو بشمالِهِ ، تشخَبُ أوداجُهُ في قِبَلِ عرشِ الرَّحمنِ ، يلزمُ قاتلَهُ بيدِهِ الأخرى ، يقولُ : يا ربِّ سَل هذا فيمَ قتلَني ؟ وأيمُ الَّذي نفسُ عبدِ اللَّهِ بيدِهِ ! لقد أُنْزِلَت هذِهِ الآيةُ ، فما نسخَتها مِن آيةٍ حتَّى قُبِضَ نبيُّكم صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ ، وما نَزل بعدَها مِن بُرهانٍ
الراوي: عبدالله بن عباس المحدث: أحمد شاكر - المصدر: عمدة التفسير - الصفحة أو الرقم: 1/552
خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح
منتدى المؤمنين والمؤمنات
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى المؤمنين والمؤمنات

-- قال صلى الله عليه وسلم وايم الله لقد تركتكم على مثل البيضاء ليلها و نهارها سواء “
 
الرئيسيةاليوميةالأحداثمكتبة المنتدىالمنشوراتس .و .جبحـثالتسجيلدخولاالمواضيع اليوميه النشيطه
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ
فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ }. ...
فهذه رسالة مختصرة إلى أهل الثغور في الشام،
وكما لهم حق النصرة فلهم حق النصيحة، فأقول:١
1--
عليكم بالاجتماع، فإن لم تجتمعوا على كمالٍ في الحق فلا تتفرقوا
بسبب نقص بعضكم، لا تفرقكم بدعة ومعصية فإنكم تقابلون كفرًا،
فقد اجتمع المسلمون على قتال العبيديين وقائدهم خارجي،
وقاتل ابن تيمية التتار ومعه أهل بدع.




٢---
بالفرقة تُهزم الكثرة، وبالاجتماع تنصر القلة، ولن تنتصروا حتى تقتلوا هوى النفس قبل قتل العدو، فالهوى يقلب موازين العداوات فتنتصر النفوس لهواها وتظن أنها تنتصر لربها،
وقليل الذنوب يُفرق القلوب، قال النبي ﷺ: (لتقيمن صفوفكم أو ليخالفن الله بين قلوبكم) لم يمتثلوا باستواء صفوف الصلاة فتسبب بانـحراف القلوب،
فكيف بانـحراف صفوف الجهاد ولقاء العدو، فإن اختلفت القلوب فالتمسوا سبب ذلك في سوء الأعمال .


3---- إنكم في مقام اصطفاء ومقام ابتلاء، فمن أعلى مراتب الجنة جُعلت لمقاتلٍ قاتل لله، وأول مَن تُسَّعَر بهم النار مقاتل قاتل لهواه . ٤)---- إياكم وحب الاستئثار بالأمر وقد حذّر النبي ﷺ من (الأثَرَة) فاجعلوا همّكم نصرة الدين لا صدارة حزب وجماعة .

٥) ----
لا تخدعكم الألقاب فتوالوا لها وتعادوا عليها، فالله لا ينظر إلى ألويتكم وراياتكم وأسماء جماعاتكم، بل ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم،
لا تختصموا على اسمٍ فمهما بلغت أسماؤكم شرفاً فلن تكون أعظم شرفاً من كلمة (رسول الله) حيث محاها رسول الله بيده من صلح الحديبية
عندما نازعه المشركون عليها وذلك حتى يُمضي الحق وصالح الأمة .

٦)
----



العبرة بأعمالكم، فما ينفع (حزب الله) اسمه عند الله

٧)
 
لا يجوز لأحدٍ أن يجعل جماعته وحزبه قطبَ رحى الولاء والعداء، فلا يرى البيعة إلا له ولا يرى الإمارة إلا فيه،
ومن رأى في نفسه ذلك من دون بقية المسلمين فهو من الذين قال الله فيهم (إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعًا لست منهم في شيء)
قال ابن عباس لما قرأ هذه الآية: أمر الله المؤمنين بالجماعة، ونهاهم عن الاختلاف والفرقة، وأخبرهم
إنما هلك من كان قبلهم بالمراء والخصومات في دين الله
وبالاختلاف والتنازع يذهب النصر (ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم) قال قتادة: لا تختلفوا فتجبنوا ويذهب نصركم .
٨) ---
لا يصح فيكم اليوم وأنتم في قتال وجماعات أن ينفرد أحدٌ ببيعة عامة يستأثر بها ولوازمها عن غيره وإنما هي بيعة جهاد
وقتال وثبات وصبر وإصلاح ونـحو ذلك، ولا يصح من أحدٍ أن ينفرد بجماعة منكم فيُسمى (أمير المؤمنين) وإنما أمير الجيش
أو الجند أو الغزو، فالولايات العامة مردّها إلى شورى المؤمنين لا إلى آحادٍ منهم، والألقاب استئثار تفضي إلى نزاع وقتال
وفتنة وشر، وإنما صحت الولاية الكبرى من النبي ﷺ لأنه ليس في الأرض مسلم سواه ومن معه، وليس في
الأرض خير من نبي ولا أحق بالأمر منه، فلو استأثر فهو نبي لا يرجع لأحدٍ ويرجع إليه كل أحد .

9---- لا يضرب بعضكم رقاب بعضٍ، فاتقوا الله في دمائكم، واحذروا مداخل الشيطان في تسويغ القتل وتبريره فتأخذوا أحداً بظن العمالة أو التجسس
أو التخذيل فالله حذر من الظنون التي تفسد أمر الأمة وتفرق شملها (اجتنبوا كثيرًا من الظن إن بعض الظن إثم)
ولا تجوز طاعة أميرٍ في قتل مسلم معصوم ومن أُمر بحرام كقتل معصومٍ فلا تجوز طاعته ولا بيعته حتى بيعة قتال،
 ولو بايعه فبيعته منقوضة، ولا يجوز لأحدٍ أن يمتثل أمرًا ظاهره التحريم  حتى يتيقن من جوازه بعلمٍ وإن جهل سأل من يعلم،
حتى لا يلقى الله بدم أو مال حرام، فيُفسد آخرته بجهل أو تأويل غيره، فالله يؤاخذ كل نفس بما كسبت (كل نفس بما كسبت رهينةٍ)
ولا أعظم بعد الشرك من الدم الحرام .

تابع 9 ----

فقد صح من حديث ابن عمر، أن النبي ﷺ أمّر خالد بن الوليد إلى جذيمة فدعاهم إلى الإسلام، فلم يحسنوا أن يقولوا: أسلمنا، فجعلوا يقولون:

صبأنا، صبأنا، فأمر خالد بقتل أسراهم، فقال ابن عمر: والله لا أقتل أسيري، ولا يقتل رجل من أصحابي أسيره،

قال: فقدموا على النبي ﷺ فذكروا له صنيع خالد، فقال النبي ﷺ ورفع يديه: (اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد) مرتين .

فقد عصوا خالدًا لما اشتبه عليهم الأمر، وهذا في دماءِ من الأصل فيه الكفر فكيف بدم من الأصل فيه الإسلام ؟!

10 ----

عند النزاع انزلوا إلى حكم الله كما أمر الله (وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله)
وقال: (فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر)
فالنزول عند حكم الله إيمان والنفرة منه نفاق، وإن اختلف اثنان أو جماعتان فليتحاكموا
إلى ثالث من غيرهم، دفعاً لتهمة المحاباة، فقد ورد في الحديث عنه ﷺ قال: (لا تجوز شهادة خصم ولا ظنّين)
وفي الحديث الآخر: (لا تجوز شهادة ذي غمر (عداوة) لأخيه، ولا مجرب شهادة،
ولا القانع (أي التابع) لأهل البيت، ولا ظنين في ولاء ولا قرابة)
وقد جاء معناه من طرق متعددة يشد بعضه بعضاً، وهذا في الشهادة وفي القضاء من باب أولى

١١)

احفظوا ألسنتكم فإن الوقيعة في أعراض بعضكم تزيد من أحقادكم على بعضكم، فما يزال الواحد واقعاً
في عرض أخيه حتى يمتلىء قلبه حقدًا وغلاً عليه فيُصدّق فيه ظن السوء ويُكذّب فيه يقين الخير .



١٢)
أحسنوا الظن بالعلماء ورثة الأنبياء واحفظوا قدرهم بالرجوع إليهم والصدور عن قولهم،
وأحسنوا الظن بهم واحملوا أقوالهم على أحسن المحامل، فمدادهم في نصرة الحق أثرها عظيم
وقد جاء عن جماعة من السلف (مداد العلماء أثقل في الميزان من دماء الشهداء)

13)

لا تُرحم الأمة إلا إذا تراحمت فيما بينها، ومحبة الله للمجاهدين ونصرته لهم معقودة
برحمتهم بالمؤمنين وتواضعهم لهم، وعزتهم على الكافرين، فإن من صفات المجاهدين
ما ذكره الله في قوله تعالى
: (فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم).



ومن الله استمدوا النصر والعون هو المولى فنعم المولى ونعم النصير .



الشيخ عبدالعزيز الطريفي ١٧/ من ذي القعدة / ١٤٣٤ هـ
.

 

 وفاء وانتقام الرسول عليه الصلاة والسلام من أعدائه

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
أمة الرحمن
عضو فعال
عضو فعال
أمة الرحمن

شكرا لتفاعلك ومشاركتك
اللهم اغفر له وارحمه وتجاوز عنه


وفاء وانتقام الرسول عليه الصلاة والسلام من أعدائه  Empty
مُساهمةموضوع: وفاء وانتقام الرسول عليه الصلاة والسلام من أعدائه    وفاء وانتقام الرسول عليه الصلاة والسلام من أعدائه  I_icon_minitime29/7/2019, 6:26 pm

وفاء الرسول عليه الصلاة والسلام وانتقامه من أعدائه


إذا نظرت إلى وفائه عليه الصلاة والسلام.. ما رأيته غدر قط، وما ينبغي له عليه الصلاة والسلام، حتى مع أعدائه إذا قال وفّى، في صحيح مسلم أن حذيفة بن اليمان قال: (ما شهدت أنا وأبي وقعة بدر -مع أنهم كانوا حاضرين، لكن ما قاتلوا- قال: لقينا كفار قريش فقالوا: إلى أين؟ قلنا: إلى المدينة. قالوا: إنكم ستقاتلوننا -أي مع النبي صلى الله عليه وسلم- فأعطونا العهد والميثاق ألا تقاتلونا ونحن نخلي بينكم وبين وجهتكم، فأعطوهم العهد والميثاق، ثم جاءا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقصا عليه ذلك، فقال عليه الصلاة والسلام: نوفي لهم بعهدهم، ونستعين الله عليهم) هو أوفى الناس، لا يغدر وما ينبغي له!

وكما روى النسائي وغيره من حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: (لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة، وأذن للناس في البيعة العامة، أمَّن الناس جميعاً إلا أربعة رجال وامرأتين، فقال: اقتلوهم ولو وجدتموهم متعلقين بأستار الكعبة) ، وكان الخائف إذا أراد أن يفر من مَن يريد أن يقتص منه أو يقتله ذهب إلى الكعبة فتعلق بأستارها، فحينئذ يأمن؛ لأن العرب كانوا يعظمون البيت، فقال صلى الله عليه وسلم: لا تجروا على سالف ما كنتم ترون أو تفعلون، إذا جاء الجاني فتعلق بأستار الكعبة لا تتركوه (اقتلوهم وإن وجدتموهم متعلقين بأستار الكعبة) وهؤلاء هم: عبد الله بن خطل ، ومقيس بن صبابة ، وعكرمة بن أبي جهل ، وعبد الله بن أبي سرح ،

 فلقي الناس مقيس بن صبابة في السوق فقتلوه، ووجدوا عبد الله بن خطل معلقاً بأستار الكعبة فقتلوه،

فأما عكرمة بن أبي جهل ففر راكباً البحر هارباً، فهبت ريح عاصف كادت الأمواج أن تحطم السفينة، فقال صاحب السفينة: أخلصوا الدعاء؛ فإن آلهتكم لن تنفعكم هنا. فقال عكرمة : (لئن لم ينجني من البحر إلا الإخلاص فلا ينجيني في البر غيره، لله علي إن أنجاني لآتين محمداً صلى الله عليه وسلم فلأجدنه عفواً كريماً) فلما نجا جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم فقبل منه، 

ولما دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى البيعة العامة جاء عثمان بن عفان بـعبد الله بن أبي سرح فقال: (يا رسول الله! بايع عبد الله ، فسكت، حتى قالها ثلاثاً، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يأبى كل ذلك أن يبايعه، ثم بايعه بعد ذلك، والتفت إلى أصحابه فقال: أليس منكم رجل رشيد! إذ رآني كففت يدي عن بيعة هذا أن يقوم إليه فيضرب عنقه. فقالوا: يا رسول الله! هلا أعلمتنا بما في نفسك -وفي اللفظ الآخر قالوا: هلا أومأت إلينا بعينك- فقال صلى الله عليه وسلم: إنه لا ينبغي لنبي أن تكون له خائنة الأعين) وسماها خائنة؛ لأنها إنما تكون من خلف ظهر صاحبها، لذلك سماها خائنة، فكل رجل يغمز لآخر في غفلة صاحبه فهو خائن، قال تعالى: يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ [غافر:19] ، فما غدر قط صلى الله عليه وسلم..

انتقامه من أعدائه:

 لكنه قد ينتقم بعدما يعذر مرة ومرة ومرة، ثم بعد ذلك إذا استيقن من لؤم الرجل أو الخصم أخذه على حين غرة؛ لأن الحرب خدعة، وهذا لا ينافي ما قلت من أنه صلى الله عليه وسلم ما غدر قط، فلو أخذ رجلاً غيلة أو أمر أن يؤخذ غيلة فقد أفضى إليه مراراً، كـعمر بن أبي عزة مثلاً، كان شاعراً، وكان يهجو النبي صلى الله عليه وسلم، وكان يشبب بنساء المسلمين، فظفر به فهم أن يقتله، فطلب العفو وقال: يا محمد! كن خير آخذ ولا أعود، فتركه فعاد، فظفر صلى الله عليه وسلم به فقال له: هذه لا أعود، فتركه، فأغراه المشركون فشبب بنساء المسلمين، وهجا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فظفر به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فطلب العفو منه فقال: (لا، والله لا أدعك تمشي في طرقات مكة تقول: ضحكت على محمد مرتين، لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين، وأمر به فقتل).

صَفحْنا عَنْ بَنِي ذُهْلٍ وَقُلْنا الْقَوْمُ إخْوَانُ عَسَى الأَيَّامُ أنْ يرْجعْنَ قَوْمًا كَالَّذِي كَانُوا فلَمَّا صَرَّحَ الشَّـر فَأَمْسَى وَهْوَ عُرْيانُ وَلَمْ يَبَقَ سِوَى العُدْوَانِ دِنَّاهُمْ كَمَا دَانُوا مَشَيْنا مِشْيَةَ اللَّيْثِ غَدَا واللَّيْثُ غَضْبَانُ بِضَرْبٍ فِيهِ تَوْهِينٌ وَتَخْضِيعُ وإقْرَانُ وَطَعْنٍ كَفَمِ الزِّقِّ غَذَا وَالزِّقُّ مَلآنُوَبَعْضُ الْحِلْمِ عِنْـدَ الْجَهْلِ لِلذِّلَّةِ إذْعَانُ وَفِي الشَّرِّ نَجَاةٌ حِينَ لاَ يُنْجِيكَ إِحْسَانُ من أعذب ما قالته الشعراء.. هذا الذي قاله قريط بن أنيف ، أبيات نحتاج إليها اليوم لاسيما في هذا الضعف الذي يعيشه المسلمون وهم يتكايسون، ليس عندهم فطنة، لكنهم يتكايسون، يرون عدوهم يلعب بهم، ومع ذلك يطلبون وده، وكلما زاد في إهانتهم زادوا طلباً لوده ولرضاه وصفحه، وما كان هكذا السلف الأول.. قوله: وَبَعْضُ الْحِلْمِ عِنْدَ الْجَهْـلِ لِلذِّلَّةِ إذْعَانُ شخص يجهل عليك، كل يوم يضربك فتقول له: الله يسامحك، يضربك مرة أخرى. فتقول: الله يسامحك، يعتدي على عرضك فتقول: الله يسامحك.. لا.(وَبَعْضُ الْحِلْمِ عند الجهل): يعني


هذا ليس أوان الحلم ولا مكانه عندما يجهل عليك شخص ويشتمك ويضربك (لِلذِّلَّةِ إذْعَانُ): هذا إذعان واستسلام، ليس حلماً ولا له علاقة بالحلم.وَفِي الشَّرِّ نَجَاةٌ حِينَلاَ يُنْجِيكَ إِحْسَانُ أعطيته الإحسان مرة واثنتين وثلاثاً، ولم تجد إلا الغدر.. ما بقي إلا الانتقام.وعلى هذا تحمل كل الأحاديث التي وردت في هذا المعنى، كمقتل كعب بن الأشرف، فقد كان رجلاً شاعراً وكان يهودياً، وكان يؤذي الله ورسوله، فلما فاض الكيل وبلغ السيل الزبا، وتجاوز الرجل كل الحدود، فقال صلى الله عليه وسلم لأصحابه: (من لـكعب بن الأشرف ؟ فإنه آذى الله ورسوله)، وهذه كانت كافية ليعلن المسلمون النفير العام (إنه آذى الله ورسوله).في الصحيحين من حديث عبد الرحمن بن عوف ، وهذا الحديث أذكره ليبكي الحر على نفسه، الحر الذي لا يجد طريقاً إلى إعادة شرفه مرة أخرى، أقل ما يفعله أن يبكي على نفسه.

روى الشيخان من حديث عبد الرحمن بن عوف قال: (بينما أنا واقف في الصف يوم بدر إذ جاءني غلامان: واحد عن يميني، والآخر عن شمالي، فقال لي أحدهما -وأسر لي حتى لا يسمع صاحبه- : أي عم! أتعرف أبا جهل ؟ قلت: وماذا تريد منه يا بن أخي؟ فقال: بلغني أنه يسب رسول الله. والله! لو رأيته لا يفارق سوادي سواده حتى يموت الأعجل منا. قال: فعجبت من مقالته، ثم أسر لي صاحبه فقال لي مثل مقالته، قال: فبينا أنا كذلك إذ رأيت أبا جهل يزول في الناس - يعني: يذهب ويأتي مضطرباً- فقلت: هذا صاحبكما، قال: فانقضا عليه ضرباً بالسيف فقتلاه، وكلٌ يقول: أنا الذي قتلته، وتنازعا -كل واحد يقول: أنا الذي قتلته، لأن قتل عدو رسول الله شرف، فكل منهما يريد أن يسبق إلى هذا الشرف- حتى جاءا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يحتكمان إليه فقال: هل مسحتما سيفيكما؟ قالا: لا، فقال: أرني، ثم قال تطييباً لخاطرهما: كلاكما قتله) غلامان! حتى أن عبد الرحمن بن عوف قال: (وجدت نفسي بين غلامين تمنيت لو كنت بين أضلع منهما) كأنه يقول: كنت أتمنى أن يكون على يميني شخص ضليع وعلى يساري كذلك، لكن على يميني غلام صغير وعلى شمالي غلام صغير.قال: (بلغني أنه يسب رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذي نفسي بيده لو رأيته لا يفارق سوادي سواده -يعني: لا يفارق شخصي شخصه، حتى يموت الأعجل منا). 

الحرب خدعة:

ورسول الله صلى الله عليه وسلم عندما يقول: (من لـكعب بن الأشرف ؟ فإنه آذى الله ورسوله) انتدب له محمد بن مسلمة وأبو نائلة -محمد بن مسلمة ابن أخته ، وأبو نائلة أخوه من الرضاعة- فقالا: (يا رسول الله! هل تأذن أن نقول له شيئاً -يعني أن نخدعه بالكلام-؟ فأذن صلى الله عليه وسلم، فجاء إليه محمد بن مسلمة فقال: جئتك أستلف منك وسقاً أو وسقين من شعير، فإن هذا الرجل قد عنانا، فقال كعب مبتسماً: وأيضاً والله لتملنه -يعني: أنتم لم تروا شيئاً بعد- فقالا: إننا لا نريد أن نتركه حتى نرى عاقبة أمره، وجئنا نستسلف منك. قال: ارهنوني نساءكم فقالا له: نرهنك نساءنا وأنت أجمل العرب؟!) (فقال: ارهنوني أبناءكم. فقالوا: هذا عار علينا، يسب الولد يوماً فيقال: رهن بوسق من شعير! ولم يتركوا له خياراً يعرضه، بل هم من عرضوا عليه قالوا: ولكن نعطيك اللأمة).اللأمة: هي درع الحديد الذي يلبسه المقاتل ليقي نفسه ضربات السيف، وهذا عرض ذكي، لأنهم أجمعوا قتله، لكن عندما يأتون بالأسلحة والرجل لم يتفق معهم على الأسلحة، سيشعر أنهم يريدون أن يغدروا به. (قالوا: بل نأتيك باللأمة، فاتفقوا، حتى كان اليوم المعلوم بينهم، فجاءا في نصف الليل فناداه أبو نائلة فقال: يا كعب ! انزل، وكان كعب حديث عهد بعرس، فقالت له امرأته: إلى أين في هذه الساعة؟ قال: إنما هو رضيعي أبو نائلة، وابن أختي محمد بن مسلمة . فقالت المرأة له: إني أسمع صوتاً يقطر منه الدم. قال: إنما هو أخي أبو نائلة، وإن الكريم إذا دعي إلى طعنة بليل أجاب -عار عليّ أن يناديني أحد ولا أنزل، ولو أن اثنين تعاركا وقال أحدهما: أغيثوني، وأنا لا أعرفهما لكان ينبغي علي أن أنزل لنجدته.. نخوة العرب!- فنزل وهو ينفح عطراً، فقال محمد بن مسلمة : ما رأيت كاليوم عطراً، أتأذن لي أن أشم رأسك، فشم رأسه وتركه.لم يقتله من أول فرصة تتاح له، وإنما أمهله حتى يشعر بالأمان، فمثلاً: لو أنك واقف وتعلم أن هناك شخصاً سيأتي يدفعك من الخلف، فكيف ستكون؟ ستكون مستعداً ومتهيئاً، لكن لو أنك واقف ولا تشك في خيانة أبداً، وأنت أقوى الناس، وجاء طفل صغير ودفعك يمكن أن تقع، ولا يؤتى المرء إلا من مأمنه، ولذلك قال له: (تأذن لي أن أشم رأسك)، فشم رأسه وتركه، وشم أبو نائلة وتركه، ثم قال: أتأذن لي أن أشم مرة أخرى؟ قال: نعم، فأعطاه رأسه فاستمكن منه، وقال: دونكم فاقتلوا عدو الله، فقتلوه، ورجعوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم). لماذا أذن لهم أن يقولوا له قولاً ويخدعوه؛ لأنه آذى الله ورسوله، ولا يصل إنسان إلى هذه المرتبة إلا إذا كان عدواً لدوداً، وإلا فقد عفا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كثير من المشركين، لكن هذا كان عدواً له.

عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما أوقف العمل بحد السرقة في عام الرمادة، قال بعض الجهلة: إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه عطَّل حد السرقة. ونحن نقول: معاذ الله أن يفعل ذلك عمر! وليس لأحد أبداً أن يعطل حداً أنزله الله عز وجل، أو سنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكن عمر بن الخطاب قال: إن الذي يأخذ في هذا الظرف يكون محتاجاً حتى لا يموت، فهذا ليس بسارق، فاختلف الوصف واختلفت المعطيات فاختلف الحكم، إنما لو أن الناس في زمان الأمن، وجاء رجل على شيءٍ محرّز وسرقه لقطعت يده.صفوان بن أمية -كما رواه النسائي وغيره- وضع عباءة تحت خده في المسجد الحرام ونام، فجاء لص فاستلها من تحته، فانطلق خلفه حتى أمسكه، ورفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تقطع يده، فلما رأى صفوان أن يد الرجل ستقطع، قال: يا رسول الله! وهبتها له .. لكي لا تقطع يده، وكانت العباءة بثلاثين درهماً، فـصفوان وجد المسألة كبيرة، يعني تقطع يده في ثلاثين درهماً؟! هذا شيء عظيم، فقال: (يا رسول الله! تركتها له. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هلا قبل أن تأتيني) لماذا لم تعف عنه قبل أن تأتيني؟ وأمر به فقطعت يده، برغم أن صفوان صاحب العباءة عفا، فلماذا لم يعف رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ لأن إقامة الحد في الأرض حق الله تعالى، ولا يسقط إلا بإذن من الله، انتهت مسألة الآدميين، لم يعد لهم في المسألة دور، فلا يجوز لأحد قط أن يوقف حداً من حدود الله، ولا أن يسقط العمل به.

 من آذى الله ورسوله نكون قد دخلنا معه في حالة حرب، والحرب خدعة، وكان عليه الصلاة والسلام إذا أراد غزوة ورّى بغيرها، فمثلاً: تكون وجهته إلى الشمال فيتجه جنوباً، لماذا؟ خداعاً لعدوه، فقوله صلى الله عليه وسلم: (الحرب خدعة) لا ينافي أنه ما غدر قط، لماذا؟ لأنه أعطى المهلة مرة ومرتين وثلاثاً حتى تأكد من خساسة ونذالة الخصم، وأنه صار عدواً لا فائدة فيه، فحينئذ يسلك معه مسلكاً آخر يستحقه هذا الخصم.إن الله تبارك وتعالى الذي أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالعفو، والذي كان صلى الله عليه وسلم خلقه القرآن قال: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ [التوبة:73].ووضع الندى في موضع السيف بالعلا مضر كوضع السيف في موضع الندى فمثلاً: إذا سقط ابنك في امتحان آخر السنة، فبعض الآباء الذين ينقصهم الحزم يقول: أنا لا ألوم الولد، لا أكون أنا والزمن عليه، فتمر الإجازة الصيفية والأب لم يقل له: يا بني لماذا سقطت في الامتحان؟ وأنا ما قصرت في حقك، وأنا بذلت لك المال، واجتمعنا كلنا في غرفة وتركت لك غرفة لوحدك؟ ويذكره بالنعم.. لا، ترك المسألة، وكان الولد في الإجازة يخرج مع أصحابه إلى الفجر يغنون في الطرقات، وتبدأ السنة الجديدة ويقول له: أنا لا أريد أن أذكرك بالذي فات، أنت تعرف، أنا أريدك أن تجتهد وتحصل في هذه السنة على مجموع جيد.. هذا الوالد ينقصه الحزم، والولد سيرسب مرة أخرى، ولن يفلح.. لماذا؟ لأن الوالد أهمل المقتضى، المفروض أنه كان ينبه عليه أول ما علم بالخبر، فيقول: أنا عملت لك كذا وكذا، وصرفت عليك كذا وكذا، وحرمت نفسي وأعطيتك، وعملت وتركت.. فالابن لو كان يحس فإنه يرى لو أنه ضربت عنقه بالسيف أهون عليه من هذا، هذا لو كان عنده إحساس وضمير. فهذا يهمل المقتضى، وإهمال المقتضى هو معنى كلام المتنبي - حكيم الشعراء- في هذا البيت:ووضع الندى في موضع السيف بالعلا مضر كوضع السيف في موضع الندىمثلاً: شخص عزيز عليك مرض بسبب الزائدة، وأنت تستصعب أن تجري له عملية، فأحضرت له مرهماً ودهنته به، فهل أنت بهذا تحبه؟ لأنك ما أزلت العلة.. هذا هو معنى الكلام: أن يضع المرء الشيء في موضعه.أدلة الشرع الصحيحة لا تتناقض أبداً، لكل دليل وجهة، لكن قد تخفى هذه الوجهة على آحاد الناس، فليسأل من هو أعلم منه، لكن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما غدر قط، بل كان سيد الأوفياء عليه الصلاة والسلام، وهو أعظم من وفى بعهد، والأخبار في هذا كثيرة. 


أبو اسحاق الحويني
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أمة الرحمن
عضو فعال
عضو فعال
أمة الرحمن

شكرا لتفاعلك ومشاركتك
اللهم اغفر له وارحمه وتجاوز عنه


وفاء وانتقام الرسول عليه الصلاة والسلام من أعدائه  Empty
مُساهمةموضوع: رد: وفاء وانتقام الرسول عليه الصلاة والسلام من أعدائه    وفاء وانتقام الرسول عليه الصلاة والسلام من أعدائه  I_icon_minitime29/7/2019, 8:55 pm

https://audio.islamweb.net/audio/Fulltxt.php?audioid=87466

رابط المحاضرة

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ابو يحي
نائب ألمدير العام
نائب ألمدير العام
ابو يحي

شكرا لتفاعلك ومشاركتك
اللهم اغفر له وارحمه وتجاوز عنه


وفاء وانتقام الرسول عليه الصلاة والسلام من أعدائه  Empty
مُساهمةموضوع: رد: وفاء وانتقام الرسول عليه الصلاة والسلام من أعدائه    وفاء وانتقام الرسول عليه الصلاة والسلام من أعدائه  I_icon_minitime29/7/2019, 11:16 pm

السلام عليكم

جزاكم الله خيرا

و السلام عليكم


وفاء وانتقام الرسول عليه الصلاة والسلام من أعدائه  3ynan
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أمة الرحمن
عضو فعال
عضو فعال
أمة الرحمن

شكرا لتفاعلك ومشاركتك
اللهم اغفر له وارحمه وتجاوز عنه


وفاء وانتقام الرسول عليه الصلاة والسلام من أعدائه  Empty
مُساهمةموضوع: رد: وفاء وانتقام الرسول عليه الصلاة والسلام من أعدائه    وفاء وانتقام الرسول عليه الصلاة والسلام من أعدائه  I_icon_minitime30/7/2019, 6:02 am

وعليكم السلام ورحمة الله
وإياكم
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
وفاء وانتقام الرسول عليه الصلاة والسلام من أعدائه
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الرسول محمد عليه الصلاة والسلام
» وصف الرسول عليه الصلاة والسلام بالتفصيل
» تحصين الرسول عليه الصلاة والسلام
» شجاعة الرسول عليه الصلاة والسلام
» جزاء من أساء لرسولنا عليه الصلاة والسلام القتل

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى المؤمنين والمؤمنات :: {{{{{{{{{ === منتدى المؤمنين والمؤمنات === }}}}}}}}}} :: المنتدى العام-
انتقل الى: